الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.وفاة نور الدين صاحب الموصل وولاية ابنه القاهر. ثم توفي نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن الاتابك زنكي منتصف سنة سبع وستمائة لثمان عشرة سنة من ولايته وكان شهما شجاعا مهيبا عند أصحابه حسن السياسة لرعيته وجدد ملك آبائه بعد أن أشفى على الذهاب ولما احتضر عهد بالملك لابنه عز الدين مسعود وهو ابن عشرين سنة وأوصاه أن يتولى تدبير ملكه مولاه بدر الدين لؤلؤ لما فيه من حسن السياسة وكان قائما بأمره منذ توفي مجاهد الدين قايمان وأوصى لولده الاصغر عماد الدين بقلعة عقر الحميدية وقلعة شوش وولايتها ولفته إلى العقر فلما توفي نور الدين بايع الناس ابنه عز الدين مسعودا ولقبوه القاهر واستقر ملك الموصل أعمالها له وقام بدر الدين لؤلؤ بتدبير دولته والبقاء لله وحده..وفاة القاهر وولاية ابنه نور الدين أرسلان شاه في كفالة بدر الدين لؤلؤ. لما توفي الملك القاهر عز الدين مسعود بن أرسلان شاه بن مسعود مودود بن الأتابك زنكي صاحب الموصل آخر ربيع الأول سنة خمس عشرة وخمسمائة لثمان سنين من ولايته بعد أن عهد بالملك لابنه الأكبر نور الدين أرسلان شاه وعمره عشرون سنة وجعل الوصي عليه والمدبر لدولته لؤلؤا كما كان في دولة القاهر وابنه نور الدين فبايع له وقام بملكه وأرسل إلى الخليفة في التقليد والخلع على العادة فوصلت وبعث إلى الملوك في الأطراف في تجديد العهد كما كان بينهم وبين سلفه وضبط أموره وكان عمه نور الدين زنكي أرسلان شاه بقلعة عقر الحميدية لا يشك في مصير السلطان له فدفعه عن ذلك واستقامت أموره وأحسن السيرة وسمع شكوى المتظلمين وأنصفهم ووصل في تقليد الخليفة لنور الدين اسناد التتر في أموره لبدر الدين لؤلؤ والله أعلم..استيلاء عماد الدين صاحب عقر على قلاع الهكارية والزوزان. كان عماد الدين زنكي قد ولاه أبوه قلعتي العقر والشوش قريبا من الموصل وأوصى له بهما وعهد بالملك لابنه الأكبر القاهر فلما توفي القاهر كما ذكرنا طمح زنكي إلى الملك وكان يحدث به نفسه فلم يحصل له وكان بالعمادية نائب من موالي جده مسعود فداخله في الطاعة له وشعر بذلك بدر الدين لؤلؤ فعزل ذلك النائب وبعث إليها أميرا أنزله بها وجعل فيها نائبا من قبله واستبد بالنواب في غيرها وكان نور الدين بن القاهر لا يزال عليلا لضعف مزاجه وتوالي الأمراض عليه فبقي محتجبا طول المدة فأرسل زنكي إلى نور الدين بالعمادية يشيع موته ويقول أنا أحق بملك سلفي فتوهموا صدقة وقبضوا على نائب لؤلؤ ومن معه وسلموا البلد لعماد الدين زنكي منتصف رمضان سنة خمس عشرة وجهز لؤلؤ العساكر وحاصروه بالعمادية في فصل الشتاء وكلب البرد وتراكم الثلج ولم يتمكنوا من قتاله وظاهره مظفر الدين صاحب اربل على شأنه وذكر لؤلؤا بالعهد الذي بينهما أن لا يتعرض لاعمال الموصل والنص فيها على قلاع الهكارية والزوزان وأنه مظاهر لهم على من يتعرض لها فلج في مظاهرته واعتمد نقض العهد وأقام العسكر محاصرا لزنكي بالعمادية وتقدموا بعض الليالي وركبو الاوعار إليه فبرز إليهم أهل العمادية وهزموهم في المضايق والشعاب فعادوا إلى الموصل وراسل عماد الدين قلاع الهكارية والزوزان في الطاعة له فأجابوه وملكها وولى عليها والله أعلم..مظاهرة الاشرف بن العادل للؤلؤ صاحب الموصل. ولما استولى عماد الدين زنكي على قلاع الهكارية والزوزان وظاهره مظفر الدين صاحب اربل خاف لؤلؤ غائلته فبعث بطاعته إلى الاشرف موسى بن العادل وقد ملك أكثر بلاد الجزيرة وخلاط وأعمالها ويسأله المعاضدة فأجابه وكان يومئذ بحلب في مدافعة كيكاوس صاحب بلاد الروم عن أعمالها فأرسل إلى مظفر الدين بالنكير عليه فيما فعل من نقضه العهد الذي كان بينهم جميعا كما مر ويعزم عليه في اعادة ما أخذ من بلاد الموصل ويتوعده أن أصر على مظاهرة زنكي بقصد بلاده فلم يجب مظفر الدين إلى ذلك واستألف على أمره صاحب ماردين وناصر الدين محمودا صاحب كيفا وآمد فوافقوه وفارقوا طاعة الاشرف في ذلك فبعث الاشرف عساكره إلى نصيبين لانجاد لؤلؤ متى احتاج إليه والله تعالى أعلم.
|